ما هو الإدراك الحسي؟ perception |
ما هو الإدراك الحسي في الفلسفة؟
اهتم الفلاسفة
بقوى الانسان المعرفية منذ القدم ، بحيث نظروا اليه على انه ذاتا عارفة . وانه
يكتسب معارفه من خلال حواسه التي يتعرف بها على العالم الخارجي وبعقله الذي يتعقل
بواسطته المعقولات المجردة.
لكن قلل هؤلاء
الفلاسفة من دور الحواس واعتبروها مصدرا للاوهام والاخطاء لذا لم يخصصوا لها
الكثير من الدراسات .
مع العصر الحديث
أولى الفلاسفة اهمية كبرى لدراسة الادراك الحسي الذي يتم بواسطة الحواس الخمس التي
يمتلكها الانسان ودراسة آلية حدوثه واثره في احداث التعلم ودوره في الحياة النفسية
.
يعرف الادراك
الحسي بانه تنظيم للمعطيات الحسية او الواردة من الحواس وتفسيره واعطائه معنى .
والادراك الحسي
يختلف عن الاحساس : فالاخير هو حادثة
أولية تحدث نتيجة اثارة يتلقاها العضو الحاس اي الاثر النفسي الناتج عن تنبيه
الاعضاء الحسية وتأثر مراكزها في الماغ بذلك . بينما الادراك هو العملية المركبة
من الاحساس ومن المعنى المعطى لهذا الاحساس، كادراكنا مثلا للجدار او الطاولة ،
فادراكنا لا يستند الى الاحساست فقط انما الى وظائف نفسية اخرى مثل التذكر والتخيل
والذكاء.
طبيعة الادراك الحسي وكيفية حدوثه:
كيف يحدث الادراك
الحسي ؟ هل يتوقف على فاعلية الذات المدرٍكة ام فاعلية الموضوع المدرَك؟
اختلف الفلاسفة
في هذه المسألة فالبعض اعتبر ان العقل ه المسؤول عن عملية الادراك الحسي بينما
اعتبر الجشطالتيون ان الموضوع المدرك ه المسؤول عن تلك العملية .
النظرية
العقلانية :
اعتبر العقلانيون
ان العقل البشري هو المسؤول الوحيد عن تشكل العارف ومن ضمنها المدركات الحسية .
بداية يميز
التعقليون بين الادراك والاحساس سواء من حيث الطبيعة ومن حيث القيمة المعرفية .
ففي حين يكون الاحساس استجابة العضو الحاس لمثير معين يكون الادراك حالة نفسية
واعية لمعنى ذلك الاحساس وتحديده وتسميته .
الادراك الحسي
بحسب لالاند هو فعل يواجه به أحد الافراد و قد نظم احساساته الحاضرة و
فسرها و اكملها بصور و ذكريات؛ شيئا ما فيحكم عفويا أنه متميز عنه واقعي و مدرك في
الحال منه . مؤكدا في ذلك على دور الوظائف النفسية كالتخيل والتذكر في العملية
الادراكية .
ويؤكد برغسون على اهمية ودور الذكريات والمعارف القديمة في الادراك الحسي اذ ان عملية الادراك الحسي برايه وبراي التعقليون ترتكز على المعارف المسبقة للمرء عن الموضوعات المدركة...فالشيء لا يمكن ادراكه دون الاستناد الى معرفتنا السابقة له.
يدعم آلان نظريته
بحجج: عندما انظر الى المكعب فأنا أرى فيه 3 أوجه و تسعة اضلع فأحكم عقليا انه
مكعب.
و في اطار
تفسيرهم للأوهام في الحكم يرون أن هذا الخطأ سببه الخطأ في البناء العقلي ( عندما
أرى شيئاً أعرفه أصغر بكثير من حجمه المعروف؛ أحكم بعقلي أنه بعيد جداً عني. (يقول
مالبرانش : ليست حواسنا هي التي تخدعنا ، وانما ارادتنا بأحكامها السريعة )
اذا يرى التعقليون أن الادراك الحس عملية مرتبطة بالعقل و الحكم العقلي ؛ هو بناء عقلي ؛ و لا وجود لآي عوامل أخرى مساعدة في عملية الادراك الحسي.
والاوهام البصرية
فسرها التعقليون على انها خطأ في البناء العقلي.
تقييم آراء التعقليون في الادراك الحسي:
لم يستطع اصحاب
هذه النظرية ان يحلوا الاشكال القائم حول طبيعة العلاقة بين الاحساس والادراك .فهم
وان اعترفوا بان مدركاتنا تبدا من الاحساس ، فقد اختلفوا في تعيين اولوية كل منهما
من حيث الطبيعة والقيمة .
ثم ان العقل وحده
لا يمكنه ان يصل الى ادراك العالم الخارجي خاصة ان كان الشيء المدرك معاق بعوائق
خارجية.
النظرية الغشطالتية:
ان تعريف الادراك الحسي و كيفية حدوثه الذي قدمه
التعقليون يرفضه الغشطالتيون:
ليس الادراك
الحسي عملية نموضع الحس الذاتي و لا حكما عقليا سريعا ؛ كما يرى ذلك التعقليون.
فالادراك الحسي مباشر
و قبل اي عملية عقلية تركيبية تفسيرية
براي الغشطالتين؛ فالشئ يدرك مباشرة؛ مركبا بذاته ؛ مبنيا بذاته؛ مشكلا من تلقاء
ذاته...فنحن لا نبتدىء من المعطيات الحسية لنجمعها في ادراك حسي مركب بل من الصورة
الكلية للمجال الذي تتواجد فيه الاشياء .
بين كوهلر
وفرتهايمر ان الحقيقة الرئيسية في المدرك الحسي ليس العناصر او الاجزاء
التي يتألف منها الشيء المدرك بل شكله وبناءه العام .
و بهذا المعنى
يصبح الادراك الحسي يجري وفق قوانين:
1 ـ قانون التجاور : ويعني ان الموضوعات اذا تجاورت في صيغة معينة فانها تفرض على المدرك ان يدركها
حسب الوضعية الموجودة عليها
2 ـ قانون
التشابه : من حيث الشكل وللون والحجم والسرعة والحركة فالاشياء المتشابهة تحتم
علينا ان ندركها مختلفة عن غيرها .
3 ـ قانون الاستمرار : الذي يفرض ادراك الموضوع على صيغة معينة اذا انتظم مثلا في شكل نقاط مستمرة
.
4 ـ قانون الاغلاق : يميل المدرك الى تكملة الاشياء الناقصة .
5 ـ قانون الشكل والخلفية : يحتم على المدرك ادراك الشكل وتمييزه عن الارضية دون ان
يحدث العكس .
فكانت العوامل الموضوعية هذه هي المتحكمة في العملية
الادراكية واهملت هذه النظرية العوامل الذاتية وينسحب هذا على كل الحواس فنحن ندرك
مثلا اللحن الموسيقي ككل وليس اصوات وانغام صادرة عن الات موسيقية كل على حدى .
قدّم علماء نفس الشكل حلولاً هامة حين بيّنوا أن الإدراك
هو معطى مباشر كلي يفرض نفسه. الأمر الذي يعني أن الإدراك هو موقف توليفي كلي،
وليس البتة موقفًا تحليليًا عناصريًا وعقليا.
اما تفسيرهم للأوهام البصرية فهو مرتبط بالشكل نفسه؛ أي أنه اذا حصل خطأ في الادراك الحسي المرتبط بالبصر فإن ذلك يعود للشكل و ليس للعقل... مثل السهمين
تقييم آراء الغشطالتيين في الادراك الحسي:
تبدو آراء
الغشطالتيين صحيحة من جهة و خاطئة من جهة أخرى:
1-
ان انتقادهم للتعقليين صحيح( التمييز بين الحس و الادراك الحسي)
2-
يسجل لهذه النظرية اهمية كبرى في التعليم لاسيما في تعليم اللغة ( من الكل
الى الجزء)
3-
و بالمقابل يؤخذ على هذه النظرية تشديدها على الشئ المدرك و تجاهلها الشخص
المدرك بكل ميوله و حاجاته ووضعه النفسي...( روائزرورشاخ)
النظرية الظواهرية :
قام اصحاب النظرية الظواهرية بمقاربة جديدة
لموضوع الادراك الحسي؛
يعتبر الظواهريون
ان الادراك الحسي مرتبط بالوعي ؛ و الوعي عندهم ليس قائم بذاته؛ انما كل وعي هو
وعي لشئ ما ؛ كما يقول هوسرل...وهذا يعني ان الوعي يتوجه نحو الخارج. ووفق لهذا
المنطلق فان عملية الادراك الحسي ترتكز على عنصرين أساسيين لا يمكن الاستغناء عن
أحدهما هما الموضوع المدرك و الانسان المدرك.
من هنا فإن
الادراك الحسي يعتمد على ظاهرية الوعي أي الحالة النفسية
فميبرلوبونتي يرى أن التجربة لا تضعنا امام المحسوس الصرف المنطوي في
الذات بل ما يظهر في الوعي هو ادراك متجه الى الخارج و متواصل مع العالم الخارجي.
-
يتبين من تلك النظريات أن عملية الادراك الحسي عملية معقدة تتعلق بالفرد
بكل ميوله و حاجاته و أيضاً يتعلق بالموضوع المدرك نفسه.
اضغط على الرابط لمتابعة الشرح:
الادراك الحسي,الإدراك الحسي,الإدراك الحسي والشعور,الادراك الحسي علم نفس,الادراك الحسي و العقلي,الادراك الحسي علم النفس,الادراك البصري,الادراك والاحساس,الادراك الحسي والشعور اولى باك,الادراك الحسي النظرية العقلية,علم الادراك,علاقة الغدراك الحسي بالشعور,فلسفة الادراك,الوعي و الادراك,الإدراك الحسي في علم النفس,الإدراك الحسي والشعور,علم نفس الادراك,الاضطراب الحسي المرتبط بالادراك العميق,الإدراك الحسي و الشعور الأولى باك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق