ما هي خصائص الوعي؟
إن خاصية الوعي هي أنها تجعل الانسان يفكّر في ذاته ، وفي الكون ويطرح الأسئلة، لفهم موقعه من
الكون وتحديد فاعليته فيه . وهكذا يكون الوعي الشرط الأساسي لنشاط الفكر، قبل أن يكون موضوع
دراسة نفسية.
وللوعي بحسب علماء النفس خصائص عديدة من ابرزها:
- الوعي هو حدس Intuition (برغسون). أي معرفة عقلية مباشرة من دون واسطة، تضعني باتصال
مباشر مع العالم الخارجي، وهو أيضاً على اتصال مباشر مع ما أعيشه في داخلي، وبما أفعله وأفكر فيه.
انه يتميز بالاستمرارية (تيار مستمر).
- الوعي هو القدرة على الإختيار: في الإمتحان نستطيع إختيار السؤال
الذي نريد الإجابة عليه أولاً.
- الوعي يؤمن تكيّفنا مع وسطنا، الوعي هو أداة تكيّف/ حضور الذهن عند الحاجة. الوعي وظيفة
عضوية كما يقول ريبو.
- الوعي هو توليفة عقلية أي قدرة على
الملاءمة والتوليف بين العضوي والنفسي.
ما هي حقيقة الوعي الإنساني؟
مواقف النظريات الفلسفية في تحديد طبيعة وماهية الوعي:
أكد علماء النفس التقليديون على المقولات الارسطية، فاعتبروا أن العقل أو الفكر أو الوعي هو الموضوع الأوحد
لعلم النفس ، وكل ما هو جسدي هو لاوعي( نشاط المعدة هو نشاط
لاواع).
وفي هذا الاطار قدمت نظريات عديدة ، من ابرزها :
ما هو تعريف ديكارت للوعي ؟ الكوجيتو الديكارتي
قدم
ديكارت فلسفة متاملة متمحورة حول الذات الواعية المفكرة اختصرها في عبارته الشهيرة
الكوجيتو :
" أنا أفكر إذن أنا موجود".
يرى ديكارت أنه لا يمكن اثبات وجود الوعي – الأنا المفكرة إلا من خلال الشك. فالشك برأيه هو عملية فكرية،
هو فعل ولكل فعل فاعل هو الانا. . والوعي عنده متيقن بأنه موجود وانه يفكر في ذاته وفي العالم الخارجي .
فمقولة " انا افكر اذن انا موجود" هي حقيقة لا تقبل الشك، لانني موجود مفكرا وليس دارسا أو معلما. صفتي
الفكرية هي التي تحدد وجودي.
إذا تنقسم الذات الى قسمين: قسم هو فكر محض ، وقسم أخر هو ظاهرة متحققة. والذي فكر في هذا الجزء
الظهوري هو الفكر المحض.
والعلاقة بين الوجود والفكر ليست علاقة منطقية بل حدسية ( اي معرفة مباشرة).( أنا الذي أفكر وعندما
أفترض انني لا أفكر ، فلا
يمكنني ذلك لانني عندما أقول أنني لا افكر أكون أفكر).
والانسان قادر على تصور نفسه بلا جسد ، ولكنه يعجز عن تصور ذاته بلا فكر. فاذا انعدم الفكر ، انعدم الوجود،
انعدم الجوهر المفكر
فينا، انعدم الانا. وينسب الى النفس صفتان: الادراك والارادة.
الوعي في فلسفة ورثة ديكارت:
استمرت هذه المقولات الديكارتية لدى ورثته (العقلانيون):
فيؤكد الان ان الفكر كله وعي ، ولا يمكن ان نفكر دون ان نعي اننا نفكر، ومن الخطأ الاعتقاد بوجود ذات لاواعية
متخفية وراء الذات الواعية.
أما سارتر فهو يذهب الى ان الحياة النفسية مبنية على الذات الواعية. فيحصر موضوع علم النفس في دراسة
الكائن في وضع ما ، فليس وراء الوجود الواعي وجود، فالحالة الوحيدة التي يوجد فيها الوعي هو وعيه انه موجود.
وما سوى ذلك فهو تمويه، لذلك اعتبر سارتر ان اللاوعي
هوعملية كذب على الذات.
ما هو الوعي في فلسفة كانط؟
كانط وبخلاف ديكارت ان الانا قاصر عن ادراك ذاته مباشرة، بل يدرك ذاته عبر ما يقوم به من أفعال أي التفكير. يرى كانط، ان الـ"أنا أفكر" ليست جوهرا أو موضوعا من الموضوعات، إنها الصورة الشمولية للعقل وهو يؤدي وظيفته المعرفية؛
وهي إن دلت على شيء، فإنما تدل على تماهي العقل مع ذاته ووعيه بما يفعل. ليس للأنا، حسب كانط، مضمون أمبريقي:
إنها متعالية ، يدركها الحس الداخلي ويحصل
الوعي بها
فلا بد من حدس ( تجربة حسية) ينطبق عليه الفكر. ولمعرفة ذاتي لا بد من حدس باطني ، أو حالة شعورية ، دون ان يكون في وسعنا معرفة هذه النفس الا باعتبارها موضوعا لاحساس باطني يستند الى بعض الظواهر التي تكوّن حالة
داخلية، بينما تظل ماهية
النفس في ذاتها شيئا مجهولا.
الوعي عند الفلاسفة التجربيين:
يرى الفلاسفة التجربيون ان الافكار أو الانطباعات ناتجة عن التجربة الحسية أو عن الادراك الحسي؛ فجون لوك يرى ان الجسد والعقل متداخلان ولا نعرف الوعي ( العقل) شيئا بحد ذاته . الا انه يشكل القاعدة للصفات المدركة. اننا ندرك
صفاته لا
طبيعته . والوعي هو الجوهر الذي تكمن فيه صفات الادراك والارادة والتصور. وهذه
صفات اساسية له.
أما ديفيد هيوم فقد أنكر وجود عقل توجد فيه الاحساسات وكأنه خزان. فنحن لا نعي العقل نفسه ،ولكننا نعي الاحساسات
والمشاعر. وهو مكون من هذه الاحساسات والمشاعر وليس هناك جوهر روحاني.
الوعي في الفلسفة الظواهرية:
رفض الفلاسفة الواهريون الموقف الديكارتي الذ يجعل الانا المفكرة منغلقة على نفسها . فالوعي يتوجه في فعله /التفكير نحو الخارج "كل وعي هو وعي لشيء ما " اما وعي الذات فليس وعيا اصيلا بل هو ادراك للوعي في فعل الوعي نفسه . وبرأي
هوسرل
ان الوعي هو الذي يضفي على الوجود معناه .
التعريف الحديث للوعي:
لقد اختلف تعريف الوعي في الفلسفة الحديثة: ففي قاموس لالاند الفلسفي نجد ان لالاند يعرّف الوعي بأنه" الحدس الذي يمتله الفكر عن نفسه وعن حالاته وأفعله". فالوعي برأيه ذات طبيعة روحية، وهو قادر على الحدس، أي انه قادر على
معرفة كل ما يجري في حياتنا الداخلية بطريقة مباشرة.
الاستبطان: منهج علم نفس الوعي
يتركز علم نفس الوعي حول دراسة الوعي عبر منه نفسي يدعى : الاستبطان . وهو طريقة في البحث النفساني
تقوم على فكرة أساسية مفادها أن الحياة النفسية الداخلية لا يعرفها ولا يشعر بها إلا من يعيشها بذاته. إن أفضل
دارس
لحالتي النفسية هو أنا ذاتي.
هو دراسة تحليلية للحياة الداخلية.
الإستبطان هو أن يقوم كل واحد من الناس بالتأمل والتبصّر بذاته كي يدرس ذاته
بذاته. إنّه دراسة الأنا للأنا.
يتطلب الاستبطان ازدواجية الانا: الانا الملاحظ والانا الملاحظة. هذه الطريقة تحدث عنها سقراط " أيها الانسان إعرف
نفسك بنفسك" ولنجاح هذه الطريقة يجب توفر الشروط التالية: التوازن الداخلي ،
الانتباه، والهدوء، والثقافة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق